الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب بقوله: هذا الكلام لا يصدر إلا من ضعيف الإيمان، أو مفقود الإيمان، جاهل بالتاريخ، غير عالم بأسباب النصر، فالأمة الإسلامية لما كانت متمسكة بدينها في صدر الإسلام كان لها العزة والتمكين، والقوة، والسيطرة في جميع نواحي الحياة، بل إن بعض الناس يقول: إن الغرب لم يستفيدوا ما استفادوه من العلوم إلا ما نقلوه عن المسلمين في صدر الإسلام، ولكن الأمة الإسلامية تخلفت كثيرًا عن دينها، وابتدعت في دين الله ما ليس منه، عقيدة، وقولًا، وفعلًا، وحصل بذلك التأخر الكبير، والتخلف الكبير، ونحن نعلم علم اليقين ونشهد الله - عز وجل - إننا لو رجعنا إلى ما كان عليه أسلافنا في ديننا، لكانت لنا العزة، والكرامة، والظهور على جميع الناس. ولهذا لما حدث "أبوسفيان" "هرقل" ملك الروم ـ والروم في ذلك الوقت تعتبر دولة عظمى - بما عليه الرسول، عليه الصلاة والسلام، وأصحابه؛ قال: "إن كان ما تقول حقًّا فسيملك ما تحت قدمي هاتين". ولما خرج أبوسفيان وأصحابه من عند "هرقل"، قال: "لقد أمِرَ أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر". وأما ما حصل في الدول الغربية الكافرة الملحدة من التقدم في الصناعات وغيرها، فإن ديننا لا يمنع منه، لو أننا التفتنا إليه، لكن مع الأسف ضيعنا هذا وهذا، ضيعنا ديننا، وضيعنا دنيانا، وإلا فإن الدين الإسلامي لا يعارض هذا التقدم، بل قال الله تعالى: وأما ما يحصل لهم من الأمطار وغيرها فهم يصابون بهذا ابتلاء من الله تعالى وامتحانًا، وتعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، كما قال النبي، عليه الصلاة والسلام، لعمر بن الخطاب، وقد رآه قد أثر في جنبه حصير، فبكى عمر. فقال: يا رسول الله فارس والروم يعيشون فيما يعيشون فيه من النعيم، وأنت على هذه الحال. فقال: فأجاب بقوله: أما الوصول إلى مرتبة الصحابة فهذا غير ممكن، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: وأما إصلاح الأمة الإسلامية حتى تنتقل عن هذا الوضع الذي هي عليه، فهذا ممكن، والله على كل شيء قدير، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: فأجاب بقوله: الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر، فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحدًا حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره. وإذا كان من المعلوم أنه لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة، فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما في السنة. ولا بد في التكفير من شروط أربعة: الأول: ثبوت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة. الثاني: ثبوت قيامه بالمكلف. الثالث: بلوغ الحجة. الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه. فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى: وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى: وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى: وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لكن إن كان مَن لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام، فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم، وأما في الآخرة فأصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى. وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول، أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع. فمن موانع التكفير: الإكراه فإذا أُكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئنًا بالإيمان لم يحكم بكفره، لوجود المانع وهو الإكراه قال الله تعالى: ومن موانع التكفير: أن يغلق على المرء قصده فلا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو خوف، أو غير ذلك لقوله تعالى: وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فهذا الرجل أخطأ من شدة الفرح خطأ يخرج به عن الإسلام لكن منع من خروجه منه أنه أغلق عليه قصده فلم يدر مايقول من شدة الفرح، فقد قصد الثناء على ربه لكنه من شدة الفرح أتى بكلمة لو قصدها لكفر. فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على طائفة أو شخص معين حتى يعلم تحقق شروط التكفير في حقه وانتفاء موانعه. إذا تبين ذلك فإن الشيعة فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الضلال أقرب. ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ تشيعًا مفرطًا في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من آثمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطًا ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ. فقد قالوا فيهما شيئًا لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/356 من مجموع ابن قاسم: "وأصل قول الرافضة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نص على علي ـ يعني في الخلافة ـ نصًا قاطعًا للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم، وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفروا إلا نفرًا قليلًا إما بضعة عشرة، أو أكثر، ثم يقولون إن أبا بكر وعمر ونحوهما مازالوا منافقين، وقد يقولون : بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفارًا ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ". ا . هـ . وانظر قوله فيهم أيضًا في المجموع المذكور4/428ـ 429. وقال في كتابه القيم: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ص951 تحقيق الدكتور ناصر العقل: "والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركًا فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها". ا.هـ. وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته "الخطوط العريضة" فقد نقل عن كتاب "مفاتيح الجنان" من دعائهم ما نصه: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما) قال: ويعنون بهما وبالجبت والطاغوت أبا بكر وعمر، ويريدون بابنتيهما أم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع. ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يدًا في سقوط بغداد وانتهاء الخلافة الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها وقتل التتار من العامة والعلماء أممًا كثيرة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب: "منهاج السنة" أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار ـ يعني التتر ـ من المسلمين ما لا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفًا وسبعين ألفًا وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين. ا.هـ. 4/592. تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم. ومن عقيدة الرافضة: "التقية" وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس. والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يقرأ بها في صلاة الجمعة، لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين: وأما قول السائل: هل يدعو المسلم الله أن ينصر الكفار عليهم؟ فجوابه: أن الأولى والأجدر بالمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يخذل الكافرين وينصر المؤمنين الصادقين الذين يقولون بقلوبهم وألسنتهم ما ذكر الله عنه في قوله: فأجاب بقوله: جوابي على هذا أن البدعة لا تقابل ببدعة، فإذا كان طائفة من أهل البدع يغلون في مثل هذه الأسماء، ويتبركون بها، فلا يجوز أن نقابلهم ببدعة فننفر من هذه الأسماء ونكرهها، بل نقول : إن الأسماء لا تغير شيئًا عما كان عليه الإنسان، فكم من إنسان يسمى باسم طيب حسن، وهو ـ أعني المسمى به ـ من أسوأ الناس. كم من إنسان يسمى عبدالله وهو من أشد الناس استكبارًا، وكم من إنسان يسمى محمدًا، وهو من أعظم الناس ذمًا، وكم من إنسان يسمى عليًا وهو نازل سافل، فالمهم أن الاسم لا يغير شيئًا، لكن لا شك أن تحسين الاسم من الأمور المطلوبة، كما قال النبي، عليه الصلاة والسلام،: فأجاب قائلًا: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد.. فإن هذا السؤال سؤال عظيم اشتمل على مسائل في أصول الدين، ومسائل تاريخية، ومسائل علمية. أما المسائل العلمية: فإنه ذكر أنه يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أحد المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة، ولكن ليعلم أن هذه المذاهب الأربعة لا ينحصر الحق فيها بل الحق قد يكون في غيرها، فإن إجماعهم على حكم مسألة من المسائل ليس إجماعًا للأمة، والأئمة أنفسهم رحمهم الله ما جعلهم الله أئمة لعباده إلا حيث كانوا أهلًا للإمامة حيث عرفوا قدر أنفسهم، وعلموا أنه لا طاعة لهم إلا فيما كان موافقًا لطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، وكانوا يحذرون عن تقليدهم إلا فيما وافق السنة، ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام مالك وغيرهم من أهل العلم أنها قابلة لأن تكون خطأ وصوابًا، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فإنه لا حرج عليه أن يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة، بشرط إذا تبين له الدليل بخلافه تبع الدليل وتركه، ووضح لطلبته أن هذا هو الحق وأن هذا هو الواجب عليهم. أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدفّ والتغبير التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط فما كان أكثر غبارًا فهو أشدّ صدقًا في الطلب وما أشبه ذلك مما يفعلونه، فإن هذا من البدع المحرمة التي يجب عليه أن يقلع عنها، وأن ينهى أصحابه عنها، وذلك لأن خير القرون وهم القرن الذين بُعث فيهم النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يتعبدوا لله بهذا التعبد، ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارًا لديه، ولا خشوعًا لديه، وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها الإنسان من مثل هذا العمل، كالصراخ وعدم الانضباط والحركة الثائرة وما أشبه ذلك، وكل هذا يدل على أن هذا التعبد باطل وأنه ليس بنافع للعبد وهو دليل واقعي غير الدليل الأثري الذي قال فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ولا يكون العمل صالحًا إلا بأمرين: الإخلاص لله، والموافقة لشريعته التي جاء بها رسوله صلى الله عليه وسلم. وأما ما ذكره من مجادلة الطالب له، وقول بعضهم: إنه رجل وهابي، وإن الوهابية لا يقرون المدائح النبوية وما إلى ذلك، فإننا نخبره وغيره بأن الوهابية ولله الحمد كانوا من أشد الناس تمسكًا بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ومن أشد الناس تعظيمًا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، واتباعًا لسنته ويدلّك على هذا أنهم كانوا حريصين دائمًا على اتباع سنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، والتقيد بها وإنكار ما خالفها من عقيدة، أو عمل قولي أو فعلي. ويدلّك على هذا أيضًا أنهم جعلوا الصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، ركنًا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فهل بعد هذا من شكٍّ في تعظيمهم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم. وهم أيضًا إنما قالوا بأنها ركن من أركان الصلاة لأن ذلك هو مقتضى الدليل عندهم فهم متبعون للدليل معظمون للرسول لا يغلون بالنبي، صلى الله عليه وسلم، في أمر لم يشرعه الله ورسوله، ثم إن حقيقة الأمر أن إنكارهم للمدائح النبوية المشتملة على الغلوّ في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو التعظيم الحقيقي لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو سلوك الأدب مع الله ورسوله حيث لم يقدموا بين يدي الله ورسوله، فلم يغلوا لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهاهم عن ذلك فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ثم إن المدائح النبوية المشتملة على الغُلوّ لا شك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يرضى بها بل إنما جاء بالنهي عنها والتحذير منها، فمن المدائح التي يحرصون عليها ويتغنون بها ما قاله الشاعر: وأشباه ذلك مما هو معلوم، ومثل هذا بلا شك كفر بالرسول، صلى الله عليه وسلم، وإشراك بالله عزوجل، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشر لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله عز وجل، والدنيا وضرتها وهي الآخرة ليست من جود رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بل هي من خلق الله عز وجل فهو الذي خلق الدنيا والآخرة وهو الذي جاد فيهما بما جاد على عباده سبحانه وتعالى، وكذلك علم اللوح والقلم ليس من علوم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن علم اللوح والقلم إلى الله عز وجل ولا يعلم منه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا ما أطلعه الله عليه هذا هو حقيقة الأمر، وهذا وأمثاله هي المدائح التي يتغنى بها هؤلاء الذين يدّعون أنهم معظمون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن العجائب أن هؤلاء المغالين يدعون أنهم معظمون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، تجدهم معظمين له كما زعموا في مثل هذه الأمور وهم في كثير من سننه فاترون معرضون والعياذ بالله. فأنصح القائل وغيره بأن يعود إلى الله عز وجل وأن لا يطري رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما أطرى النصارى عيسى ابن مريم وأن يعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشر يمتاز عن غيره بالوحي الذي أوحاه الله إليه، وما خصه الله به من المناقب الحميدة، والأخلاق العالية، ولكن ليس له من التصرف في الكون شيء، وإنما التصرف في الكون والذي يُدعى ويُرجى ويُؤلّه هو الله عز وجل وحده لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون. محمد بن صالح العثيمين مجموع فتاوى و رسائل - 3 فأجاب بقوله: إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم ـ من جهة سلامة العقيدة ـ أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهومًا وسليمًا. أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان: أطلق لسانك في قول كل شيء ما دامت النية صحيحة بل نقول : الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية. فأجاب بقوله: لا يتسمى بأسماء أبرار، وملاك، وإيمان، وجبريل أما جنى( [1]) فلا أدري معناها. فأجاب قائلًا: الذي يقول: اجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له واجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي باتباعه فهذا حق. أما إذا أراد بقوله: اجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة. فأجاب فضيلته قائلًا: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحًا، يعني: اجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة، فإن الحديث
|